عدد المساهمات : 127 نقاط : 366 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 31/05/2010 الموقع : جنوبي والله يغفرلي ذنوبي
موضوع: مقال يستحق القراءة .... الجمعة نوفمبر 26, 2010 10:49 am
هل نحن موتى دون أن نعلم ؟
كلما تأملت في حياتنا تأكد لي كم هي الأنانية تحكم سلوكنا اليومي. سلوكنا حتى مع أنفسنا ناهيك عن الآخرين. من لا يحترم إشارة المرور هو أناني يفكر بوقته وحده ولا عزاء للآخرين. من لا يلتزم بدوره في السوبرماركت فهو أناني. عندما تصدر الضوضاء من بيت أحدنا دون اهتمام براحة جيرانه فهو أناني. وهذه كلها لا تعدو أن تكون أمثلة سطحية تكشف ما هو أكثر عمقا وسوء في تصرفاتنا. وليس من المبالغة القول إن الأنانية العميقة، لا الكسل أو الخمول، هي السبب الكبير الذي يقف وراء تراجعنا عن التطور والارتقاء. قد يسأل البعض عن علاقة الأنانية بالتطور الإنساني. وأنا أقول إن الارتباط وثيق حتى ليكون هو المحفز الأساسي لكل ما له علاقة بمستقبل الإنسان. خذ ــ مثلا ــ عالم الأحياء الذي يقضي حياته يبحث عن الأمراض البشرية لاكتشاف علاج لها. هو لا يبحث عن ربح مادي أو شهرة بقدر ما يبحث عن ما يفيد الإنسان. ثم خذ عالم الفضاء الذي يقضي زهرة عمره يتأمل الكون، هو لا يبحث عن اكتشاف يشتهر به، بل عن اكتشاف يفيد به الآخرين. لقد كان علماء المسلمين يسيرون على النهج ذاته. وكم قضى بعضهم نحبه وهو يبحث عن علاج أو اكتشاف جديد ليس من أجل نفسه، بل من أجل إنقاذ أنفس أخرى كثيرة. لقد تجرد هؤلاء العلماء من أرذل ما يمكن للإنسان أن يحمل في داخله، إنها الأنانية. كان همهم أن يتقاسموا نعمة الله التي وهبهم إياها مع الآخرين فلا تكون لهم وحدهم. بيل جيتس تبرع بأكثر من تسعين في المائة مما يملك من أجل الفقراء والمرضى. وفعل الكثيرون الشيء ذاته. لم يكن الدافع الديني هو دافعهم فكثيرون منهم ملحدون، ولا هم باحثون عن الشهرة لأنهم غارقون فيها، لقد كان هدفهم أن يتقاسموا لذة ما بين أيديهم مع الآخرين من محرومين وفقراء.. مهما شجعنا مصانعنا على الإنتاج، ومهما شجعنا علماءنا على الإبداع، ومهما شجعنا أثرياءنا على التبرع، لن نتقدم خطوة طالما كنا فكر بأنفسنا وحدنا فقط. فليس هو المال ما يدفع الإنسان إلى الأمام، بل التفكير في الآخرين والرغبة في مساعدتهم. لقد كان التجرد من الأنانية العنصر المحفز دوما لتطور الإنسان. قرأت عبارة لحكيم هندي قضى سنواته العشرين الأخيرة يبحث في حقيقة «الأنا». فخلص إلى نتيجة واحدة: الموتى ليسوا من هم تحت الثرى، بل هم من عاشوا لأنفسهم وحدهم، فبخلوا بما يملكون عن أن يستفيد به غيرهم. فهل نحن موتى دون أن ندرك ذلك؟.